لم يكد خبر تولي الكابتن حسن شحاتة مسؤولية الادارة الفنية للفريق الاول لنادي الزمالك حتي بدأ الجميع في التفكير في المواجهة المرتقبة التي ستجمعه بالبرتغالي مانويل جوزيه المدير الفني للنادي الاهلي الموسم المقبل.
ودائما وابدا ما يتم وضع المدربين في مقارنة دائمة خاصة عندما تولي
شحاتة مسؤولية تدريب المنتخب المصري في الوقت الذي كان فيه جوزيه مديرا
فنيا للأهلي في الفترة ما بين 2005-2009.
وكانت نجاحات الثنائي مع الاهلي والمنتخب تسير مثل شريطي القطار،
فالأهلي تمكن فرض سيادته الكاملة علي افريقيا في الوقت الذي تزامن فيه ايضا
فرض المنتخب المصري علي سيطرته علي بطولات كأس الامم.
هذا التزامن جعل المتابعين يعقدون العديد من المقارنات بين الرجلين سواء
في الناحية الفنية او الناحية الانضباطية والادارية اضافة الي اسلوب
التدريب نفسه وهل يصح المقارنة بين تدريب نادي وتدريب منتخب وهي الامور
التي سأحاول القاء الضوء عليها من خلال السطور القادمة.
حسن شحاتة .. "المَعلِّم"
لم يكن اشد المتفائلين بتولي الكابتن حسن شحاتة مسؤولية تدريب المنتخب
المصري في 2005 ان يتوقع حصول الرجل علي 3 بطولات متتالية لكأس الامم
الافريقية وهو الانجاز الذي اعتبره الكثيرون اعجازيا ليس في افريقيا فقط
ولكن علي مستوي البطولات الدولية في العالم اجمع.
فبعيدا عن شهرته الكبيرة كلاعب فذ في كرة القدم ابدع مع الزمالك في حقبة
الثمانينات، بدأت شهرة شحاتة التدريبة الفعلية بنهاية موسم 2003-2004
وبداية موسم 2004-2005 عندما قاد فريق المقاولون اولا للعودة لدوري الاضواء
قبل ان يحرز بطولة كأس مصر علي حساب الاهلي ومدربه مانويل جوزيه وقتها بعد
تغلبه عليه في المباراة الشهيرة بملعب الكلية الحربية 2-1.
ومع بداية موسم 2004-2005 تمكن شحاتة من حصد بطولته الثانية مع
المقاولون عندما اكتسح الزمالك حامل لقب الدوري حينها في كأس السوبر المصري
بنتيجة 4-2 ليسطر "المِعلِم" اولى الانجازات في مشواره مع التدريب.
في الوقت الذي كان شحاتة يلفت انظار الجميع اليه كمدرب مجتهد قادم للكرة
المصرية، كان المنتخب المصري يمر بأسوأ فتراته مع الايطالي ماركو تارديللي
الذي فشل في التأهل به الي نهائيات كأس العالم الامر الذي جعل اتحاد الكرة
المصري وقتها يقوم بإقالته والبحث عن مدير فني جديد يقود الفريق.
وبالفعل، وجد عصام عبدالمنعم رئيس الاتحاد وقتها ضالته في شحاتة خاصة
وان تجربة المدرب الفني الاجنبي للمنتخب اثبتت فشلها منذ حقبة الكابتن
محمود الجوهري.
وربما كان البعض يري ان شحاتة قدم كمدرب مؤقت للمنتخب انتظارا لمدير فني
اجنبي كبير، ولكن شحاتة كان له رأي اخر عندما اثبت للجميع انه لن يكون
مرحلة انتقالية عندما قاد المنتخب للفوز بكأس الامم الافريقية في عام 2006
والتي اقيمت في مصر.
ومنذ ذلك الحين، انطلق شحاتة في ابداعاته مع المنتخب بعدما قاده بعد ذلك
للمحافظة علي لقب هذه البطولة لبطولتين متتاليتين كانتا خارج الاراضي
المصرية وبالتحديد في غانا 2008 وانجولا 2010.
شحاتة لم يكتسب لقب "المَعلِّم" بسهولة سواء فنيا حسب ما اسردت منذ قليل
او حتي اداريا وانضباطيا، فربما كانت واقعته مع احمد حسام "ميدو" في
مباراة السنغال في نصف نهائي كأس الامم هي العالقة في ذهن الجماهير عندما
اصر شحاتة علي عدم مشاركة اللاعب في المباراة النهائية للبطولة بعد خروجه
عن النص في لقاء السنغال، ولكن تبقي واقعته مع ابنه كريم هي الدليل الاكبر
علي انضباط هذا الرجل.
ففي بداية الالفية الحالية، كان حسن شحاتة مديرا فنيا لفريق الشرقية
للدخان وكان وقتها ابنه كريم لاعبا بالفريق، وفي احدي المباريات تعصب كريم
علي احدي قرارات حكم اللقاء مما ادي الي طرد ودخوله في اشتباك معه، فما كان
من والده الا انه نزل الي ارض الملعب وقام بصفع ابنه امام الجميع وطلب منه
الخروج من الملعب والانصياع لقرار الحكم وهنا بالفعل كانت بداية شهرة
شحاتة الانضباطية والتي بلا شك ستظهر بشكل واضح مع الزمالك في الفترة
القادمة.
مانويل جوزيه .. "المُعَلم"
لم يكن جوزيه اسما معروفا في الشرق الاوسط قبل عام 2001 عندما قدم لتولي
تدريب الاهلي، ولكنه سرعان ما بدأ يلمع بصورة سريعة للغاية عندما قاد
الفريق الاحمر لانتصار تاريخي لن يمحي من ذاكرة جماهيره طيلة حياتهم علي
حساب العملاق الاسباني ريال مدريد في المباراة الشهيرة التي انتهت بهدف
النيجيري صنداي.
بعدها بدأ جوزيه في اعادة ترتيب اوراق الفريق الاحمر الذي كان قد دخل
الالفية وهو مهلهل للغاية بعد فترة فاشلة مع المدرب الالماني ديكسي، حيث
تمكن الرجل البرتغالي من صنع فريق شاب تمكن من احراز بطولتي دوري ابطال
افريقيا وكأس السوبر وعلي الرغم من خسارته الدوري في هذا الموسم الا انه
قدم احلي مبارياته في تاريخ الدوري ويأتي علي رأسها مباراة الزمالك الشهيرة
6-1، ومباراة الاسماعيلي 4-4.
وربما يكون جوزيه قد غادر الاهلي عقب هذا الموسم بسبب اخطاء ادارية نتجت
عن "تعنت" بعض من اعضاء لجنة الكرة بالأهلي حينها الامر الذي تسبب في
انحدار شديد للفريق في الموسمين التاليين وكان علي رأسها خسارته دوري موسم
2002-2003 بهدف سيد عبدالنعيم، اضافة الي البداية الكارثية لموسم 2003-2004
والذي وصل فيه الفريق للمركز الـ12 مع المدرب البرتغالي اوليفيرا، الا ان
جوزيه عاد ملكا متوجا بفضل الضغط الجماهيري الذي اجبر الادارة الاهلاوية
حينها علي اعادة المدرب مهما تكلف الامر.
عودة جوزيه للكرة المصرية في الدور الثاني من موسم 2003-2004 هي من
اعطته لقب " المُعَلم"، ففي الفترة التي قضاها جوزيه مع الاهلي من 2005 الي
2009، كانت بصمة المدرب البرتغالي واضحة علي الكرة المصرية بشكل عام وليس
الاهلي فقط.
فالأسلوب الهجومي الذي ابتدعه جوزيه مع الاهلي سواء في المباريات
المحلية او الافريقية جعلت الاندية المصرية وبالأخص تلك التي دائما وابدا
ما كانت تكون مجرد "كومبارس" في الدوري تتحلي بالشجاعة والجراءة في ادائها،
ووجدنا منذ ذلك الحين فرقا صغيرة تهاجم وتهزم الاهلي والزمالك في ارضهم
ووسط جماهيرهم بشكل لم نعتاد عليه من قبل.
تأثير جوزيه الواضح علي لاعبي الاهلي كان بدون شك له تأثير علي ادائهم
مع المنتخب الذي كما ذكرنا من قبل قدم اداءا استثنائيا في هذه الفترة ايضا،
حتي ان البعض ربط هبوط مستوي المنتخب في السنوات الاخيرة لرحيل جوزيه عن
الاهلي ايضا.
مواجهة مباشرة بين "المَعلِّم" و"المُعَلم"
وشاءت الاقدار ان تضع حدا للقيل والقال في المقارنات بين المدربين،
عندما اصبح الاثنين علي مشارف مواجهات مباشرة بينهما الموسم القادم، ويالها
من مواجهات ستكون منتظرة للغاية بين جماهير الفريقين علي المستوي الفني
البحت، فالمؤكد ان الاهلي والزمالك لن يشهدا انضباطا مثل ذلك الذي سيكونا
عليه طالما ادارتهما الفنية في ايدي جوزيه وشحاتة.
التفرغ التام للمباراة الفنية بين المديرين الفنيين سيزيد من اثارة
وحماس الموسم القادم والذي نأمل ان يكون منعطفا جديدا للكرة المصرية نكلله
في نهايته بتأكيد قدرتنا علي المنافسة علي التأهل الي مونديال البرازيل
2014 وهو الامر الذي اري ان المنتخب سيكون قريبا منه للغاية طالما ان هذين
الرجلين علي رأس اكبر ناديين في مصر.