طالعتنا جريدة نيو يورك تايمز فى عددها
الصادر بتاريخ 12 يوليو الجارى بتحقيق صحفى اعتبرته أغلب الدوائر الإعلامية
بأنه قنبلة من العيار الثقيل، لأنه يتناول شخصية مصرية طالما تشدقت الصحف
العالمية عن إنجازاتها، لكن لنيويورك تايمز وجهة نظر أخرى، فالشخصية موضوع
المقال هى د.زاهى حواس وزير الآثار المصري.
وقد أوضحت الصحيفة أن إعداد التحقيق استغرق ثلاثة أشهر، وشاركت فيه مجموعة
من الباحثين والصحفيين التابعين لمؤسسة نيويورك تايمز الصحفية، كما أضافت
أيضا أنها لا تخشى أحدا فقد يسبب لها هذا التحقيق خصومات مع الدكتور حواس
لكن الموقف فى مصر يحتاج إلى مزيد من الحقائق .
واستطلعت الصحيفة فى تحقيقها بعض إنجازات
حواس لكنها سرعان ما أبحرت فى مناطق عميقة، فذكرت أن حواس كان يتلقى 20 ألف
دولار سنويا من قناة ناشيونال جيوجرافيك الأمريكية لتقوم بالتصوير داخل
الأماكن الأثرية، وأحيانا ما كان يقيم فريق التصوير داخل بعض المناطق
الأثرية لاستكمال مهمتهم التصويرية.
وذكر التحقيق أيضا أن حواس قد استطاع أن
يحصل على التصريح بإقامة معرض حول العالم لمقتنيات الملك توت عنخ آمون،
وكيف استغل حواس، ذلك المعرض للتسويق لمشروع ملابس يحمل اسمه.
كما قام حواس بتأجير القسم الجديد من
المحال التجارية الواقعة بالمتحف المصرى إلى إحدى الشركات متجاهلا إخطار
فريد عطية أحد أكبر مستأجرى محال بيع الكتب بالمتحف المصرى، بل وإقصائه من
دخول المزاد، فما كان من عطية، إلا أنه رفع دعوى قضائية ضد حواس، وقام
القضاء بإنصاف عطية وإلزم حواس بطرد الشركة المستأجرة لتلك المحال، إلا أن
حواس ضرب بالحكم القضائى عرض الحائط فما كان من عطية إلا أن رفع دعوى أخرى
ضد حواس حكمت عليه بالسجن لمدة عام.
ونظرا لتقلده منصب وزير الآثار قام حواس بتنفيذ الحكم الأصلى وطرد الشركة المستأجرة لمحال المتحف المصرى.
والجدير بالذكر أن تلك الشركة هى الشركة
المكلفة ببيع وإنتاج وتسويق النسخة طبق الأصل من قبعات زاهى حواس، وعندما
تناولت الميديا هذه القصة رد حواس بأن ربح تلك القبعات يذهب إلى مستشفى
سرطان الأطفال ومتحف سوزان مبارك للأطفال، لكن كل تلك المشروعات الخيرية
كانت تحت رعاية سوزان مبارك، مما أثار حفيظة المصريين وظن البعض أن هناك
علاقة بين بزنس عائلة مبارك وبين زاهى حواس.
وتضيف كيت تايلور التي قامت بإعداد
التحقيق للصحيفة أن حواس كان قادرا على الحفاظ على مكانه بعد قيام الثورة
بفضل الهزات الارتدادية للثورة، ورغم تركه لمنصبه فى مارس الماضى إلا أنه
عاد ثانية لبروزه الإعلامى واستئثاره دون غيره من علماء الآثار بالحديث عن
الآثار المصرية، وخاصة أمام الميديا الأجنبية لدرجة أن بعض وسائل الإعلام
الأجنبية وصفته بسفير الثقافة، وأيضا لتمتعه بكثرة الأسفار لإبراز قيمة
آثار مصر ودعوته المتواصلة للأجانب لزيارة مصر.
وقد كرمته جمهورية بيرو هذا الشهر لاسترداده للقطع الأثرية من متحف ماتشو بيتشو تلك القطع التى خرجت من مصر منذ قرن من الزمان .
وتطرق التحقيق إلى قناة ناشيونال
جيوجرافيك وكيفية اختيارها لحواس من بين16 مسئولا حكوميا يعملون مع القناة
من بلدان العالم، وكان ذلك عام 2001 وكان حينها حواس يعمل مديرا لمنطقة
أهرامات الجيزة.
وقد بدأ نجمه الإعلامى يسطع من خلال
الأفلام التسجيلية التى قدمتها القناة والكتب التى أنتجتها له كلها عن مصر
القديمة وكان حينها يتقاضى15 ألف دولار كراتب له.
وعن ذلك الراتب يقول حواس بأنه يتقاضاه
لتقديم المشورة للقناة فى مجال الاكتشافات الأثرية ولمساعدة القناة فى
صياغة سياسات حول قضايا الآثار.
أما عن ناشيونال جيوجرافيك فتنفى حصولها
على الأفضلية للوصول والتصوير فى المواقع الأثرية وتدلل على ذلك بحصول
منافستها قناة ديسكفرى تشانيل الأمريكية على امتياز تقديم أفلام تسجيلية
حول بحوث الحمض النووى على مومياء ملكية .
وتطرقت تايلور إلى إعلان د.عصام شرف رئيس
الوزراء يوم الاثنين الماضى بأنه سيقوم بتعديل وزاري لكنه لم يوضح إن كان
حواس ضمن ذلك التعديل أم لا.
وأخيرا أبرز التحقيق المقولة الشهيرة
لراندا بليغ عالمة الآثار بجامعة المنصورة " إننى بدأت أصدق بأن زاهى حواس
لديه عشرة أرواح وليس سبعة كالقطط".
وتقول تايلور إن التهم الموجهة للدكتور
حواس هى أقل خطورة من تلك الموجهة لمسئولين آخرين بالحكومة المصرية لكن
حالة حواس توضح مدى الانحراف السريع التى آلت إليه حالة الآثار المصرية.