اللهم بلغنا رمضان
الحمد لله الذي
منّ علينا بمواسم الخيرات، وخصّ شهر رمضان بالفضل والتشريف والبركات، وحثّ
فيه على عمل الطاعات، والإكثار من القربات، أحمده سبحانه على نعمه الوافرة؛
وأشكره على آلائه المُتكاثرة. وأصلي وأسلم على أفضل من صلى وصام، وأشرف من
تهجّد وقام، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه البررة الكرام،
والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب النور والظلام، أما بعد:
فإن الله تعإلى
هيأ لنا من المناسبات العظيمة، التي تصقُلُ الإيمان في القلوب، وتُحرّك
المشاعر الفيّاضة في النفوس، فتزيد في الطاعات وتُضيّق مجالات الشر في
المجتمعات، وتعطي المسلمين دروسا في الوحدة والإخاء، والتضامن والصفاء،
والبرّ والصلة والهناء، والطُهر والخير والنقاء، والصبر والشجاعة والإباء،
إنها منهل عذب، وحمى أمين وحصن حصين للطائعين، وفرصة لا تُعوّض للمذنبين
المفرّطين، ليجددوا التوبة من ذنوبهم، ويسطّروا صفحة جديدة بيضاء ناصعة في
حياتهم، مفعمة بفضائل الأعمال ومحاسن الفعال، ومكارم الخصال.
وإن من أجلّ هذه
المناسبات زمناً، وأعظمها قدراً، وأبعدها أثراً: شهر رمضان الكريم الذي
نرتوي من نميره، ونرتشف من رحيقه، ونشمّ عاطر شذاه، شهر مضاعفة الحسنات،
ورفعة الدرجات، ومغفرة الذنوب والسيئات، وإقالة العثرات، قد تفتّح أبواب
الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفّد الشياطين، من صامه وقامه إيمانا
واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه؛ كما صحّ بذلك الحديث عن رسول الله
؛ فعن أبي هريرة
عن النبي
قال: من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدّم من ذنبه } [متفق عليه]، و(من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه)متفق عليه
بأي شيء نستقبل
رمضان؟ وبأي عدة نتجهز لرمضان؟ أبشراء أنواع العصائر والمشروبات؟! أبتوفير
أصناف المأكولات ؟! أبتجهيز المطابخ وصالات الطعام؟! أبأخذ إجازة من العمل
والتفرغ للنوم؟
هدي الرسول
في رمضان
لقد كان
أجود
الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان؛ يقول ابن القيّم رحمه الله: ( وكان
هديه فيه عليه الصلاة والسلام أكمل هدي وأعظمه تحصيلاً للمقصود، وأسهله على
النفوس، وكان من هديه
في
شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل يدارسه القرآن، وكان
يكثر فيه الصدقة والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة، والذكر والاعتكاف، وكان
يخصّه من العبادات بما لا يخصّ به غيره
وقد سار على ذلك
السلف الصالح - رحمهم الله - حيث ضربوا أروع الأمثلة في حسن الصيام، وإدراك
حقيقته، وعمارة أيامه ولياليه بالعمل الصالح.
س: ما هي الطرق السليمة لاستقبال هذا الشهر العظيم؟
ينبغي للمسلم أن
لا يفرط في مواسم الطاعات، وأن يكون من السابقين إليها ومن المتنافسين
فيها، قال الله - تعالى -: "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" الآية [المطففين:
26]. قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم افعلوا الخير دهركم ، و
تعرضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من
عباده و سلوا الله أن يستر عوراتكم و أن يؤمن روعاتكم قال الألباني في "
السلسلة الصحيحة " 4 / 511 :
نستقبل رمضان بأشياء منها
أولا:
الدعاء بأن يبلغك الله شهر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الدعاء هو العبادة . أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح وهو في صحيح أبي داود
1329
وكان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه أن يتقبله منهم.
إذا بلغت رمضان ورأيت الهلال تقول كما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رأى الهلال قال
: اللهم أهله علينا باليمن و الإيمان و السلامة و الإسلام ربي و ربك الله
( حم ت ك ) عن طلحة . قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 4726 في صحيح الجامع
ثانيا:الحمد
والشكر على بلوغه، قال النووي - فكم من رجل كان يصلى بجانبك في القيام
العام الماضي وهو الأن يرقد في التراب ينتظر دعوة صالحة ولو قيل له تمنى
لقال ساعة من رمضان فكن أنت هو
ثالثا:الفرح
والابتهاج، ثبت عن رسول الله أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول:
{جاءكم شهر رمضان، شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح
أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم... الحديث} [أخرجه أحمد].